Page 93 - THE MARKET WHISPERER-ARABIC
P. 93
ساحر الأسواق | 91
لماذا يفضل أكثر الناس التحليل الاقتصادي الرئيسي؟ ألنه قد تعلمنا بحيث نقوم بالاستثمار على المدى
الطويل .لماذا؟ على ا ألرجح ألن شخ ًصا ما يحتاج لكسب معيشته عن طريق تدريس الاقتصاد في الجامعات،
أو ألن ا ألموال التي يتم إنفاقها في صفقات مغلوطة يجب أن تجد لها مبر ًرا شرع ًيا ،أو ألن كليات تعليم
التداول لا تريد أن تغلق أبوابها بل تريد الاستمرار ،أو ألننا كبشر يجب أن نربط كل شيء في إطار رياضي
من ّظم ،و ألن أ ًيا من المعلمين ليس لديه استعدا ًدا للاعتراف بأنهم لا يعرفون شي ًئا ،حتى حين يثبت التاريخ
على نحو غير قابل للجدل بأنهم مخطئين على المدى الطويل! ومع ذلك ،فإن طرق التدريس لم تتغير
منذ عقود ،إن لم تكن في بعض ا ألحيان منذ قرون.
معظم المتداولين في سوق البورصة يعتبرون أنفسهم اقتصاديين فقط أو فنيين فقط .وفي الواقع فإن
التداخل بين المنهجين يكاد يكون منعد ًما .ولكن المشكلة تنشأ عندما يتعارض المنهجان .لقد أثبت التاريخ
أن ا ألسلوب الفني هو الذي يسبق التحليل الاقتصادي دائ ًما .ومعظم اتجاهات السوق في نطاق واسع
عبر التاريخ لا يمكن تفسيرها تفسي ًرا محك ًما وف ًقا للبيانات الاقتصادية ،بينما يمكن التنبؤ بأكثرها عن طريق
ا إلدارة الفنية .إن المتداولين المحترفين تعلموا – مع مرور الزمن – أن يثقوا باستنتاجاتهم الخاصة ،التي
تتعارض في أغلب ا ألحيان مع ما يقترحه محللو الاقتصاد ا ألساسي .إن المتداولين الفنيين يحصدون فوائد
السوق بينما الاقتصاديين قد فاتهم القطار منذ زمن بعيد.
هل تريد أن أضرب لك مثال ًا؟ هل كان من الممكن جني الربح من أسهم شركات التكنولوجيا العالية في
نهاية التسعينات؟ بالطبع ،كان ممك ًنا! فهل يمكنك إيجاد مستثم ًرا اقتصاد ًيا واح ًدا يمكنه أن يقدم تبري ًرا
لشراء أسهم شركات التكنولوجيا التي لا إيرادات لها ولا تملك إلا مدفوعات وأحلام؟ بالطبع لا يستطيع أحد
تقديم مبرر! إن المتداولين الفنيين يعرفون أن عواطف الجموع العامة يمكن أن تقود السوق ،أما المتداولون
الاقتصاديون فإنهم قد اختاروا تجاهل التغيير المتوقع عن ذلك.
وجد الاقتصاديون في مرحلة ما مبررات لشراء ا ألسهم .هل تذكر عبارة «اربح بدون تكاليف ا إلعلانات”؟
عندما ظهرت العديد من المفاهيم الاقتصادية اللامعة ،أيام فقاعة شركات التكنولوجيا العالية ،وكان
هدف طرح هذه المفاهيم هو تبرير الدخول المتأخر إلى هذه السوق الضخمة .ببساطة شديدة ،لم يكن
بإمكان أصحاب الصناديق أن يقولوا لعملائهم إنهم لم يقوموا بالشراء عندما كان المنافسون يجنون أربا ًحا
هائلة ،لذلك اضطروا إلى تلفيق مبرر مالي ،ثم بدؤوا بالشراء بكل سرور .هؤلاء ممن أهدروا وقتهم في
تحليل الكشوف الحسابية لشركات التكنولوجيا العالية قبل وأثناء وقت الذروة وفوتوا بذلك فرصهم تاركين
الباب مفتو ًحا على مصراعيه للمحللين الفنيين لينعموا با ألرباح وحدهم .وهؤلاء ممن واصلوا تبرير أخطاء
تحليلاتهم الاقتصادية حين تغير اتجاه سوق البورصة وأفلست ،قد تحملوا الخسائر الفادحة.
ومع مرور الوقت ،وبمجرد أن استوعبت السوق هذه التحولات الكبيرة ،لحق المنهجان ببعضهما مكونين
جبهة موحدة مجد ًدا .وهنا سؤال يطرح نفسه :هل يجب إيجاد بعض التسويات التي تجمع بينهما؟ كنت
أعتقد كمبتدىء أن الجواب الصحيح هو :لا .ولكن ا آلن -ومع سنوات الخبرة التي اكتسبتها -علمت أنني
كنت مخط ًئا .فكما ذكرت آن ًفا أنني ا آلن أخصص ٪80للتحليل الفني و ٪20للتحليل الاقتصادي الرئيسي.
إنني ا آلن أميل قليل ًا إلى الجانب ا آلخر؛ ألنني وجدت أن الالتزام بطريقة واحدة يجعل السوق تبدو في