Page 33 - THE MARKET WHISPERER-ARABIC
P. 33
ساحر الأسواق | 31
الفرق بين التداول والاستثمار
أعتقد أنه من الواضح أن هذا الكتاب لا يختص بالاستثمار في ا ألسهم ،بل يختص في تداولها ،وأن التداول
لا يختلف أب ًدا عن أي مجا ٍل آخر من مجالات ا ألعمال .على سبيل المثال ،إن تاجر التحف الفنية يختلف
كثي ًرا عمن يجمع تلك التحف ،حيث أن التاجر لا يقوم بشراء هذه التحف للحفاظ عليها سالمة لمدة طويلة
أمل ًا بارتفاع أسعارها ،بل هو يشتريها فقط في حال كان يتوقع أنها ستحقق رب ًحا مؤك ًدا من خلال بيعها على
المدى القصير .وكغيره من الناس ،يسعى تاجر التحف الفنية لسداد القروض السكنية وتأمين مصروفاته
اليومية من غذا ٍء وملبس ومصروفا ٍت معيشية أخرى.
ومتداول ا ألسهم هو تما ًما مثل تاجر التحف الفنية :كلاهما يشتريان ويبيعان من أجل تحقيق ا ألرباح
التي ُتعينه على أعباء حياته اليومية .يشتري المتداولون المحترفون ا ألسهم بأسعار يعرفون يقي ًنا أنها أقل
من قيمة ا ألسهم ،ثم يبيعونها بأسعار يعرفون يقي ًنا أنها أعلى من قيمتها .ويخطئ المتداولون في ا ألسهم
أحيا ًنا ،ولكن المؤكد هو أن المتداولين الذين ينجحون أكثر مما يخطئون يتمكنون من توفير مصدر دخل
جيد من هذه المهنة.
وهنا تظهر الاختلافات بين المتداول والمستثمر في ا ألسهم .فعلى عكس حال المتداولين ،يضع المستثمرون
أموالهم تحت إدارة ا آلخرين أو يديرونها بأنفسهم على أمل جني ا ألرباح .قد يتسبب المستثمرون في تحسن
أو تدهور أحوالهم المادية على المدى الطويل ،ولكنهم لا يستطيعون التأكد من أنهم سيدفعون قروض
بطاقاتهم الائتمانية بشكل منتظم شهر ًيا .على الجانب ا آلخر ،يخطط المتداول مسب ًقا المبلغ الذي سيخاطر
به في كل عملية تداول يقوم بها ،في حين قد يكتشف المستثمر في أوقات عصيبة أن معظم أمواله قد
تبخرت .لذا ،ينام متداولو ا ألسهم مرتاحي البال مطمئنين ألنهم يعلمون أن معظم أموالهم في وضع
السيولة ،في حين تكون أموال المستثمرين عرضة لتقلبات السوق.
كما يستخدم المتداول «ا ألموال السريعة» بينما يستخدم المستثمر «ا ألموال البطيئة» .السؤال هنا،
هل ُيمكن أن يح ّقق المتداول والمستثمر نفس النتائج بمائة دولا ٍر؟ لا ،فإنهما يعملان بشك َلين مختلفين تما ًما.
عندما ُتغ َلق البورصة في نهاية العام بارتفاع بنسبة ،6%ستكون أموال المستثمر قد تبعت جميع اتجاهات
السوق على مدار العام ،لذلك نسميها «أموال ًا بطيئة» .وعلى النقيض ،فإن المتداولين يدخلون السوق
ويخرجون منها بأموالهم بشكل يومي .إن التغير بنسبة 6%الذي يحدث خلال العام بأكمله يحدث على
مدار مئات ا أليام وعشرات ا ألسابيع ترتفع وتهبط خلالها السوق بنس ٍب مختلفة .يقوم المتداولون بمتابعة
هذه الانخفاضات والارتفاعات ،وعلى نقيض المستثمرين ،يستخدم المتداولون نفس المبلغ (المائة دولار
مثل ًا) لعدة مرات خلال هذا العام قد تبلغ آلاف المرات .هذا يعني أن أموال المتداول «سريعة» ،حيث أنها
تدخل وتخرج من ا ألسواق باستمرارُ .يمكننا القول إن أموال المتداول تعمل بجهد أكبر .أما أموال المستثمر
فهي «بطيئة» .باختصار ،إن أموال المتداول السريعة تمتطي أموال المستثمر البطيئة لتحقيق ا ألرباح.