Page 28 - THE MARKET WHISPERER-ARABIC
P. 28
| 26ديهمت
حس ًنا! هذا التعريف يجعلها تبدو وكأنها مكان عمل جميل ومحترم يلتقي فيه رجال ا ألعمال لجني ا ألرباح.
ها هو ُحلم كل أم يتحقق بنجاح أبنائها!
سأشارككم ا آلن تعريفي الخاص للبورصة ،ولن تجدوا تعري ًفا أكثر صحة ودقة منه في أي قاموس« .إن
سوق تداول ا ألسهم هي عبارة عن نادي قمار يقوم به ا ألعضاء (المتداولون المحترفون ومؤسسات التداول
والدولة) باستغلال جشع وأخطاء الجموع العامة لتحقيق ا ألرباح».
نعم ،لقد ُقل ُت «استغلال» ،هذه هي الكلمة الصحيحة! فإن مصطلحات مثل «أسهم» و»سندات»
و»خيارات» و»ا ألسهم المستقبلية» تخبئ في طياتها حقيقة يعرفها اللاعبون المحترفون في أسواق رأس
المال« :هي أرباح يتم تحقيقها على حساب الجموع العامة».
ُيمكنك أن تسميها «عمولة» أو «رسوم ا إلدارة» أو حتى «مستحقات ضريبية رأسمالية» أو أي شيء آخر.
المهم أنه بمجرد أن يأخذها منك المحترفون أو الدولة ،ستصبح بدون أي أموال ...سيكونون قد استحوذوا
عليها .يندهش المحترفون ويس َعدون لكون هذه الحقيقة غائبة عن أهم وأكبر شريحة لاعبين في سوق
تداول ا ألسهم وهم الجموع العامة.
كثي ًرا ما قلت هذا وسأعيد قوله هنا :إذا لم تكن محترًفا ،فلا تقترب أب ًدا من سوق التداول .يظن الناس
أنني مجنون ألنني أقول هذا مرا ًرا وتكرا ًرا .الخلاصة من ذلك هي :إذا كنا غير قادرين على كبح إصرار الجموع
العامة على المقامرة ،فلا يتبقى لنا خيا ًرا سوى أن نحقق الربح على حسابهم.
من الذي يُمكنه التنبؤ بحركة السوق؟
إن ذاك العبقري الذي يمكنه التنبؤ بشك ٍل صحيح بتطورات السوق أو تحركات أسه ٍم معينة في السوق،
لم يولد بعد .ومع ذلك ،هناك العديد من المحللين ومديري صناديق الاستثمار الذين ي َّدعون خلاف ذلك
محاول ًة منهم ألن يب ّرروا العملية الاستثمارية بمنطق أكاديمي ،وذلك للحفاظ على مصدر دخلهم.
تتطلب استمرارية المنظومة ا ألكاديمية وسوق ا ألسهم رعاية ذاتية ،وذلك يف ّسر حاجتهم للتشبث بـ»سبب
للوجود» .وأنا ليس لدي سبب وجيه يجعلني أغضب من هذا ،فمن المستحيل محاربة الطبيعة البشرية.
من الطبيعي ج ًدا أن يحاول جميع المشاركين في هذا المجال أن يب ّرروا معرفتهم للحفاظ على مصدر
دخلهم .معظم ا ألذكياء والناضجين من المشاركين في سوق ا ألسهم يتفقون مع رأيي بأنهم غير قادرين ح ًقا
على التنبؤ بالمستقبل ،إلا أنهم لن يعترفوا بذلك عل ًنا ألن إعلان ذلك هو بمثابة الاعتراف بفشل مغامرتهم
بالكامل .لا مانع لديهم بأن يتعاونوا مع النظام ويستمروا في طمأنة الجمهور من خلال الوعود الواهية
التي يأملون هم أنفسهم في تحقيقها إذا حالفهم الحظ.
إن محاولة التنبؤ بالمستقبل تشبه القيادة في الضباب .عن بعد ،يبدو لنا أن الضباب كثيف ،ولكن الرؤية
تصبح أكثر وضو ًحا كلما اقتربنا من الضباب .ذلك هو الحال بالنسبة ألسواق رأس المال ،فكلما كان إطار التنبؤ
أقصر ،كلما كانت ا ألمور أكثر وضو ًحا ،حتى مع بقاء بعض الضباب الذي يمنعنا من رؤية ا ألمور بوضوح كامل.
على سبيل المثال ،إذا سألتك أين ستكون بعد ستة أشهر بالضبط ،فهل ستتمكن من إعطائي إجابة دقيقة
لذلك؟ أما إذا سألتك أين ستكون صباح غ ٍد ،فعلى ا ألرجح ستعرف ا إلجابة عن ذلك وستكون إجابتك صحيحة.